وقولهم أجدك لا تفعل كذا بمنزلة: أحقاً لا تفعل كذا، وكأنه قال: أجد جداً، كما تقول: أحق حقا.

وقوله والأصح منع تقديمهما يعني أنه لا يجوز أن تقول: اعترافاً له علي دينار، ولا: حقا هو ابني، على الصحيح. وسبب ذلك أن العامل في هذا المصدر هو فعل يفسره مضمون الجملة المتقدمة من جهة المعنى؛ إذ تقديره: أعترف بذلك اعترافاً، وأحقه حقا، فأشبه ما العامل فيه معنى الفعل، فكما لا يجوز تقديم ما عمل فيه معنى الفعل على معنى الفعل كذلك لا يجوز تقديم هذا المصدر على الجملة المفسرة ما كان عاملاً فيه. والذي منع التقديم هو الزجاج ومن أخذ بمذهبه.

/وأجاز توسيطه، فتقول: هذا حقا عبد الله.

قيل له: كيف أجرت توسيطه ولم يتقدم شيء يدل على الفعل؟

قال: إذا تقدم جزؤه فلا بد له من جزء آخر ينضاف إليه، والجزء الأول المراد ضمه إلى غيره مبني على التحقيق، فقد تقدم ما يدل على الفعل، ويدل على التوسط قوله:

وكذاكم مصير كل أناس ... سوف حقا تبليهم الأيام

وقال:

إني- ورب القائم المهدي- ما زلت حقا- يا بني عدي- أخا اعتلال، وعلى أدي

أي: سفر.

ومن ذهب إلى جواز التقديم استدل بقولهم: أحقا زيد منطلق؟ وذلك أن الهمزة تتعين أن تكون داخلة على الفعل الناصب للمصدر، فالمعنى: أأحق حقا؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015