وزعم أبو الحجاج الأعلم أن الكاف حرف خطاب، فلا موضع لها من الإعراب، كهي في أبصرك والنجاءك وألستك وذلك، وحذفت النون لشبه الإضافة، ولأن الكاف تطلب الاتصال بالاسم كاتصالها باسم الإشارة، والنون تمنعها من ذلك، فحذفت النون لذلك.
واستدل على ذلك أن الكاف إذا جعلت اسما فسد المعنى؛ وذلك أن المصدر إذا أضيف إلى غير فاعل الفعل الناصب له كان مصدرا تشبيهيا، نحو: ضربت ضربك، فالمعنى في البيت: تداولنا مداولتك، أي: مثل مداولتك، وفي سعديك: أجبتك إجابتك، أي: مثل إجابتك وفي لبيك أي: ألزم طاعتك لزومك طاعة غيرك، أي: مثل لزومه، والمعني ليس على المصدر التشبيهي. فإذا كانت الكاف حرف خطاب استقام المعنى.
وردوا على الأعلم بأن جعل الكاف حرف خطاب لا ينقاس، وبأن النون لا تحذف لكاف الخطاب؛ ألا ترى إلى قولهم ذانك وتانك. وآما ما ذكره من أنه يلزم أن يكون المصدر تشبيها فقد التزمه بعضهم، وقالوا: يسوغ أن يكون المعنى في سعديك: أجبتك إجابتك لغيرك إذا أجبته، وفي لبيك: ألزم طاعتك لزومك طاعة غيرك إذا لزمها، وفي دواليك: تداولنا مثل مداولتك إذا داولت، ويكون مثل قولهم: دققته دقك بالمنحاز حب الفلفل، المعنى: مثل دقك إذا دققت. والذي يقطع ببطلان مذهب الأعلم مجيء الأسماء الظاهرة وضمير الغيبة مكان الكاف، ولا يمكن أن يقال إن الاسم الظاهر وضمير الغيبة للخطاب، وذلك قولهم: