به بيان النوع عمل فيه الفعل الظاهر. وإنما عمل فيه لما كان بمعناه، فعمل فيه كما يعمل فيما هو من لفظه، ولم يجز أن يعمل فيه إذا كان للتأكيد لأن تأكيد الفعل بالمصدر هو من قبيل التأكيد اللفظي؛ ألا ترى أن معنى قمت قياماً: قمت قمت، والاختلاف الذي بين المصدر والفعل في اللفظ غير مانع من أن يكون من قبيل التأكيد اللفظي؛ بدليل قوله تعالى {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ}، فأمهل تأكيد لفظي لمهل، وليس لفظهما على صيغة واحدة، لكنهما اشتركا في كون الحروف الأصول واحدة، فلما كان تأكيد الفعل بالمصدر من قبيل التأكيد اللفظي لم يجز أن يكون منصوباً بالفعل الظاهر؛ بل بفعل مضمر من لفظه. وظاهر كلام الفارسي مثل مذهب أبي الفتح.
وقد نوزع أبو الفتح في دعواه أن المصدر المؤكد من قبيل التأكيد اللفظي، قال شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي: ((ليس التوكيد هنا بمزلة إعادة الفعل؛ لأنه ليس من التأكيد اللفظي، وإنما التوكيد هنا يعني به البيان؛ لأنه يرفع المجاز، ويثبت الحقيقة، وكذلك التوكيد في المجاز، وعلى قوله تعالى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، أي: حقيقة من غير واسطة)) انتهى.
وقال ابن عصفور: الصحيح أنه إذا كان للتأكيد عمل فيه مضمر من لفظه للدليل الذي تقدم؛ وغن لم يكن للتأكيد فإما أن يكون وضع له فعل من لفظه، أو لم يوضع له فعل:
فإن كان وضع فيجوز الوجهان، كقوله: