لأن البناء أصل في الحروف، فكذلك المصادر حُملت على الأفعال وإن كان المصدر قبلها؛ لأن الاعتلال أصل في الفعل. انتهى. ويمنع أن الأسماء قبل الحروف، وأن الاعتلال أصل في الفعل؛ إذ لا دليل على ذلك. وقال المصنف في الشرح: ((قد يُحمل أحدهما على الآخر وليس أحدهما أصلاً للآخر، كيرضيان، حُمل على رضيا، وأعطيا على يعطيان، حُمل ذو الفتحة على ذي الكسرة ليجريا على سنن واحد)).
ورد الرابع بأن العرب قد ترفض الأصول، وتستعمل الفروع، نحو: كاد زيد يقوم، فيقوم في موضع قائم، ولا يستعمل قائم إلا ضرورة. ومثل ذلك/ كثير. ويعارضون أيضاً بوجود مصادر لا أفعال لها. ... [3: 129/أ]
وقال السهيلي: ((في إجماع الكوفيين والبصريين على تسمية الحدث مصدراً دليل على أن الفعل صدر عنه، وهو فرع له، ولو كان الفعل الأصل لكان أولى أن يسمى مصدراً.
فإن قيل: المصدر هو الصادر، وقيل مصدر كما يقال للزائر رزو، ورجل صوم وعدل، أي: صائم وعادل، والحدث صادر عن الفاعل، فسمي المصدر من قولك صدر صدوراً ومصدراً.
قلنا: زيادة الميم تمنع من هذا القياس؛ ألا ترى أنك تقول رجل زور، ولا تقول: رجل مزار، وما أنت إلا سير، ولا تقول مسير. وقول النحاة: المصدر يكون بالميم، كقولك قتلت مقتلاً، وذهبت مذهباً- تسامح؛ لأن الميم دخلت لمعنى زائد على معنى الحدث، ولذلك تقول: ضربه وقتله، ولا تقول مضربة ولا مقتلة إلا في المكان، ولو كان المقتل بمعنى القتل على الإطلاق لم يمتنع هذا، ولم يمتنع رجل مزار،