الأفعال ما لا مصدر له مستعمل إلا وتقديره ممكن، كتبارك، وفعل التعجب؛ إذ لا مانع في اللفظ، ويقابل تلك الأفعال مصادر كثيرة، تزيد على الأفعال، كالأبوة والنبوة والخؤولة والعمومة والعبودية واللصوصية، وقعدك الله، وبله زيد وبهله، فبطلت المعارضة بتبارك ونحوه، وخلص الاستدلال بويح وأخواته)) انتهى كلامه.
وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: ((استدل أهل البصرة بأن الفعل خاص الزمان والمصدر مبهم الزمان، والمبهم قبل الخاص، فالمصدر قبل الفعل، والبعدي مأخوذ من القبلي، والفعل مأخوذ من المصدر. وبأن المصدر منتشر الأبنية كثيرها، فلو كان مشتقاً من الفعل لكان يجري على أوزان محصورة لا يتعداها، كاسم الفاعل واسم المفعول المبنيين من الفعل، فلما كثرت أبنية وانتشرت دل ذلك على أنه أصل، وأن الفعل هو الذي اشتق منه. وبان المصدر من جنس الأسماء والأسماء قبل الأفعال، فالمصدر قبل الفعل، والبعدي مأخوذ من القبلي.
والصحيح أن هذه الأدلة الثلاثة غير كافية في إثبات أن الفعل مشتق من المصدر؛ إذ لا تثبت أكثر من أن المصدر قبل الفعل، وأنه أصل بنفسه، وإذا كان أصلاً في نفسه أو كان قبل الفعل لم يلزم أن يكون الفعل مشتقاً منه؛ ألا ترى أن الحرف بعد الاسم، وليس مأخوذاً منه)) انتهى.
ولا نقول إن الحرف بعد الاسم؛ لأن الواضع وضع الحرف كما وضع الاسم، فلا نقول إنه وضع الأسماء، ثم بعد ذلك وضع الحروف، ولا يلزم من كون الحرف تتوقف مفهوميته على متعلق أن يكون وضع بعد الاسم. ... [3: 128/ ب]
ثم قال الأستاذ أبو الحسن: ((لكن الدليل القاطع أن يقال: استقريت المشتقات، /فوجدت تدل على ما اشتقت منه وزيادة، وتلك الزيادة معنى فائدة