فلو أن ما أسعى لأدنى معيشةٍ ... كفاني، ولم أطلب، قليل من المال
اختلفوا فيه: فذهب جمهور البصريين إلى أنه ليس من الإعمال؛ لن شرطه أن يتنازع المعمول العاملان، قالوا: ولم يتنازعا لاختلاف المقتضى، وإنما لم يتنازعاه لأنك لو حذفت الجواب الأول وأقررت مكانه لم أطلب لفسد المعنى؛ إذ كان يكون التقدير: لو سعيت لأدنى معيشة لم أطلب قليلاً من المال، وليس كذلك، بل من سعى لأدنى معيشة طلب قليلاً من المال، وكفاه القليل، فلما كان جعله جوابا يُفسد المعنى لم يصح أن يكون من باب الإعمال. قال س: ((لو نصب لفسد المعنى)). وقال البصريون: المعنى: كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك؛ لأنه ينتظم لو سعيت لأدنى معيشة لم أطلب الملك. ويوضح ان المراد هو هذا المعنى قوله بعد:
ولكنما أسعى لمجد مؤثلٍ ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وقدره الكوفيون: ولم أطلب الكثير. وهو تقدير صحيح أيضاً، ولكن تقدير البصريين أمكن في المدح.
فإن قلت: كيف جاء به أبو علي الفارسي على الإعمال؟
قلت: إنما أراد أنه يشبه الإعمال بتداخل الجملتين بالعطف، ونظير ذلك إنشاده لكثير: