فالظاهر أنه أراد: ولم ينج شيء، فحذف لدلالة النفي والاستثناء بعده على منفي عام للمستثنى وغيره" انتهى.
وليست المسألة من باب الآيات والبيت؛ لأنَّ المحذوف في الآيتين مبتدأ، وباب المبتدأ أنه مما يجوز فيه الحذف إذا دل الدليل عليه، فالتقدير: وما مِنَّا أحدٌ إلا له مقام، وإنْ مِن أهل الكتاب أحدٌ إلا ليؤمنَنَّ.
وأمَّا قوله {وَإنِ مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فليست كالآيتين؛ لأنّ ما بعد إلا هو المبتدأ، وهو قوله {وَارِدُهَا}، لكن من حيث المعنى اشتركت الثلاثة في حذف أحد.
وأما ما قامَ وقعدَ إلا زيدٌ فهي من باب حذف الفاعل، والفاعل لا يحذف، فقد تباين البابان في المحذوف.
[3: 120/أ] وأمّا "نجا سالم" البيت، وزعمُ المصنف أن التقدير: /ولم ينجُ شيء- فليس بظاهر كما ذكر، ولم يحذف فيه الفاعل، وإنما حذفت فضلة مرادة، والتقدير: ولم ينجُ بشيء، والفاعل ضمير يعود على سالم، وعليه المعنى، وإذا حذفت الفضلة المرادة المجرورة انتصب ما بعد إلا على الاستثناء، تقول: ما مررتُ إلا زيدًا؛ لأنك أردت أنَّ اللفظ كان: ما مررتُ بأحدٍ إلا زيدًا. وإن جعلته استثناء مفرَّغًا ولم تلحظ المحذوف جررت، فقلت: ما مررت إلا بزيد، وعلى هذا تأوَّلَ البيتَ أصحابنا لا على ما تأوَّلَه المصنف.