والإنصاف في هذه المسألة أنه يجوز حذف الفاعل، ويجوز إضماره؛ لثبوت الحذف في الأبيات التي استدلَّ بها للكسائي وقوفا مع الظاهر، ولثبوت الإضمار أيضا قبل الذِّكر في لسان العرب، وبروز ذلك في التثنية وجمعي التذكير والتأنيث، وقال الشاعر:
خالَفانِي، ولم أُخالِفْ خَليلَيْـ ـيَ، فلا خَيرَ في خِلافِ الخَليلِ
وقال الآخر:
جَفوني، ولم أَجفُ الأَخِلَّاءَ إِنَّنِي لِغَيرِ جَميلٍ مِن خَلِيليَ مُهمِلُ
وقال الآخر:
هَوِيَنِني، وهَوِيتُ الخُرَّدَ العُرُبا أَزْمانَ كُنْتُ مَنُوطًا بِي هَوًى وصِبا
وهذا الذي ذكره المصنف من أن مذهب الكسائي في هذه المسائل حذف الفاعل موافق لما قاله جمهور النحويين من أن مذهبه فيها حذف الفاعل.
وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور في "شرح الإيضاح" في باب الاستثناء: "حذف الفاعل لا يجوز عند أحد من البصريين ولا عند الكوفيين، وما حكاه البصريون عن الكسائي من أنه يجيز حذف الفاعل في نحو قولك ضربني وضربت الزيدين/ باطل، بل هو عنده مضمر مستتر في الفعل، مفرد في الأحوال كلها، وجعله مضمرًا في الفعل لا يجوز لأنه ليس له ما يفسره" انتهى. [3: 119/ ب].
وخالفَ نقله هنا ما نقل في شرح الجمل وغيره من أن مذهب الكسائي حذف الفاعل في باب الإعمال وفي غيره.