ويتعين على هذا أن تكون هذه الأبيات من إعمال الثاني؛ إذ لو كانت من إعمال الأول/ لأضمر في الثاني ما يحتاجه، فكان يقول: حَيَّيَا الحَطيمُ وُجُوهَهُنَّ [3: 118/ ب] وزَمزَمُ، وكان يقول: وأرادوها رجالٌ، وكان يقول: أو تكشفُ أو يَكشِفنَ العَمى، فلمَا صحَّ أنها على إعمال الثاني، والأول طالب مرفوع، ولم يبرز الضمير، فيقول: حيَّيَا قبلهن، ولا: تَعَفَّفُوا بالأرطى، ولا: وهل ترجع أو يرجعن- دلَّ على أنه محذوف لا مضمر.
وممن ذهب إلى مذهب الكسائي من الكوفيين هشام، ومن أصحابنا أبو زيد السهيلي وأبو جعفر بن مضاء صاحب كتاب "المشرق". وقال ابن مضاء: وهو أقيس من مذهب س في أنه مضمر؛ لأنَّ الإضمار قبل الذكر خارج عن الأصول.
وردُّوا على الكسائي في دعواه أنَّ الفاعل يحذف بما تقدم في باب الفاعل، وتأولوا هذه الأبيات على أنه عاد الضمير فيها على المثني والمجموع كما يعود على المفرد، فمِمّا عاد على المثنى كما يعود على المفرد قولُه:
لِمَن زُحلُوقةٌ زُلٌّ بِها العَينانِ تَنهَلٌّ
وقولُ الآخر:
ولو بَخِلَت يَدايَ بِها وضَنَّتْ لَكانَ عليَّ لِلقَدَرِ الخِيارُ
وقولُ الآخر: