وقوله وإن أُلغي الأول رافعًا صحَّ أي: إن أُلغي الأول عن العمل في الظاهر، وكان عاملاً طالب رفع صحَّت المسألة، واستكنَّ الضمير في فعل الواحد، وبرز في التثنية والجمع، فتقول: ضربني وضربتُ زيدًا، وضربَتْني وضربتُ هندًا، وضرباني وضربتُ الزيدَين، وضربوني وضربتُ الرجالَ، وضربَتاني وضربتُ الهندَين، وضربْنَني وضربتُ الهنداتِ، وهذا إضمار قبل الذكر، يفسِّره ما بعده، هذا مذهب س والبصريين.
وذهب محمد بن الوليد إلى أنه ليس إضمارًا قبل الذكر، والتقدير عنده في ضربوني وضربتُ قومَك: ضربتُ قومَك وضربوني، فالضمير المتقدم لفظا هو منوي به التأخير.
ورُدَّ عليه بأنه لو كان التقدير كما زعم لم يكن في المسألة خلاف، وكيف يكون هذا التقدير وإنما قيل لك إعمال الثاني، والثاني على هذا قد صار أولا، وإنما هو معطوف على الأول، وكيف يقدر بواو العطف التقديم وأن يكون قبل ضربوني في أول الكلام، ويلزمه أن يقول: ضربتُه وضربني زيدٌ، فيقدره: ضربَني زيدٌ وضربتُه، إذا أعمل الثاني، ويلزمه: مررتُ به ومرَّ بي زيدٌ، إذا أعمل الثاني، فيقدره: مرَّ بي زيدٌ ومررتُ به، وهذا لا يقوله أحد لأنه نقض للباب، ويلزمه إذا قال: عليك بما يُحِبَان ويَسُرُّ أخويك أن يكون قد فرق بين الصلة والموصول؛ لأنه يجب أن يكون التقدير عنده: عليك بما يَسُرُّ أخويك وما يُحِبّان.