وإنما لم يجز إبقاء الضمير لأنه مشتمل على تقديم ضمير هو فضلة على مفسر متأخر لفظًا ورتبة، فهو حر بالحذف، بخلاف أن لو كان مرفوعًا، فلا يحذف لآنه عمدة.
وأما الكوفيون فلا فرق عندهم بين الفضلة والعمدة في المنع، لا يجيزون ضربته وضربني زيد، ولا: ضربوني وضربت قومك، وسيأتي الكلام معهم في العمدة.
وزعم الأستاذ أبو الحسن بن الضائع شيخنا أن ما ورد من قولهم: كيف أبكيهم، وألا هل أتاها، وما جاء من هذا الباب- لا يلزم فيه أن يكون إضمارًا قبل الذكر كما ذكروا، بل يكون أعاد الضمير على ما في نفسه، فلما كانت غامد مذكورة في نفسه وحاضرة عنده أعاد الضمير، وكذا ما جاء من هذا الباب. ومن هذا القبيل مجيئهم بواو رب أول الكلام، إنما ذلك حمل على كلام مقدر في النفس، حكموا له بحكم المذكور، وكذا ما أتى من هذا، فلا حجة في شيء منه. انتهى.
وما ذهب إليه خلاف الظاهر، ولا يطرد له في جميع ما ورد من ذلك، وإن كان ما ذكره محتملاً في بيت غامد فلا يحتمل في قول الشاعر، وهو ما أنشدنا قبل من قول الشاعر:
إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب جهارًا فكن في الغيب أحفظ للعهد
لتنكير صاحب، وليس مذكورًا في نفسه كغامد، وأم جندب في قوله:
وثقت بها، وأخلفت أم جندب .....................................