فيه عائد إلى الأول، وذلك قولك: مررت برجل قائم أبوه لا قاعد، وزيد قائم أبوه لا قاعد، والتقدير: لا قاعد أبوه، فأضمر الأب لتقدم ذكرهـ واقتضى العائد من لمضمر المعنى، ولم يقولوا في نحو هذا: مررت برجل قائم لا قاعد أبوه، وزيد قائم لا قاعد أبوه، على أن يضمروا في قائم، ويكون العائد في الصفة الأولى، هكذا كلام العرب.
ووجه ذلك عندي أنهم أتوا بالصفة الأولى على ما يجب لها في اللفظ والمعنى، ثم استسهلوا بعد ذلك في الصفة الثانية الحمل على المعنى، وقد نص س على ذلك بقوله في قول العرب مررت برجل عاقلة أمه لبيبة إنه لا يصلح أن تقدم لبيبة مضمرًا فيها الأم، ثم تقول عاقلة أمه. ولا وجه لقوله هذا إلا ما عقدنا عليه كلامنا من أن الإضماء والحمل على المعنى في الصفة الثانية دون الأولى، وكذلك الخبر لما ذكرنا. ومن هذا الباب قول امرئ القيس:
بليل التمام، أو وصلن بمثله مقايسة أيامها نكسرات
أي: نكرات أيامها" انتهى كلامه. ونظير ذلك ما أنشده ابن الأعرابي:
ليس أخو الفلاة بالهبيت ولا الذي يخضع كالسبروت
ولا الضعيف أمره الشتيت غير فتى يصبح في المبيت
يرتقب النجم ارتقاب الحوت
أي: الشتيت هو، أي: أمره. وقال الشاعر: