مسائل من هذا الباب
الأولى: النصب يتفاوت في هذا الباب، فـ"زيدًا ضربته" أقوى من "زيدًا ضربت أخاه". و"زيدًا ضربت أخاه" أحسن من "زيدًا مررت به". و"زيدًا مررت به" أحسن من "زيدًا مررت بأخيه". وسبب هذا التفاوت أن التفسير فيما عمل العامل في ضميره بنفسه يكون باللفظ والمعنى من غير أن يدخل الكلام مجاز، وفيما عمل في سببه بنفسه يكون باللفظ على المجاز، فتقدر: ضربت زيدًا ضربت أخاه، فتجعل ضربك أخا زيد ضربًا له مجازًا، وإن /شئت قدرت: أهنت زيدًا ضربت أخاه. وفي "زيدًا مررت به" يكون التفسير من المعنى، إلا أن الفرق بينه وبين "زيدًا ضربت أخاه" أن هذا فسر ناصب ناصبًا، وهناك فسر متعد بحرف جر ناصبًا، والتقدير: لقيت زيدًا مررت به. وتقدر في "زيدًا مررت بأخيه": لابست زيدًا مررت بأخيه، إلا أن دلالة "مررت" على "لقيت" أقوى من دلالتها على الملابسة؛ لأن اللقاء هو المرور، وليس بالملابسة.
وزعم ابن كيسان أن النصب في "زيدًا مررت به" أحسن منه في "زيدًا ضربت أخاه". قالوا: ولم يحتج بشيء. ويمكن أن يحتج لابن كيسان بأنه في مسألة "زيدًا مررت به" اتحد متعلق الفعلين اللذين هما "مررت" و"لقيت"؛ لأن الضمير هو الظاهر، غاية ما في هذا أنه فسر من المعنى، وكلاهما لمتعلق واحد في المعنى، وفي مسألة "زيدًا ضربت أخاه" صار فيه تجوز في اللفظ وفي المعنى؛ لأن الضرب حقيقة لم يحل إلا بأخي زيد، وفسر "ضربت" فعلًا ينصب زيدًا، وسواء أكان "ضربت" أم "أهنت" فهو تجوز في الفعل المفسر وفي متعلقة، وأما في المسألة الأولى فليس فيه تجوز إلا في الفعل فقط لا في متعلقة، فلهذا كان أحسن.
المسألة الثانية: كل مسألة تؤدي في الاشتغال إلى تعدي فعل المضمر المتصل