زعموا، ولو كان كذلك ما جاز تقديمه وهو مجرور.

وهذا الذي ذكره السهيلي في سير بزيد يرد عليه في: لم يضرب من رجل، فإن هذا المجرور في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل، ولو قدمته لم يجز، نحو: من رجل لم يضرب، فينبغي ألا يجوز ذلك.

قال أصحابنا: والدليل على بطلان هذا المذهب أن العرب تقول: سير بزيد سيرًا، بنصب المصدر، فدل ذلك على أن المجرور هو الذي يقام مقام الفاعل. وإنما امتنع أن يكون (بزيد) مبتدأ لأن المبتدأ معرى من العوامل اللفظية، فلا يتقدمه عامل لفظي أصلًا، إلا أن يكون حرف جر زائدًا، والباء في (بزيد) ليست بزائدة، فلذلك امتنع أن يكون مبتدأ.

وأما ما ذكره من امتناع "سير بزيد العاقل" بالرفع على الموضع فلأن/ هذا الموضع لا يجوز أن يلفظ به، وما كان هكذا فلا يجوز الإتباع عليه؛ ألا ترى أنك لا تقول: مررت بزيد الظريف، بالنصب؛ لأنه لا يجوز: مررت زيدًا، فكذلك هذا، وذلك بخلاف {مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}. لأنه يجوز: ما لكم إله غيره، ففرق تجويزه "بزيد سير" فسيأتي ذكر اتفاق النحويين على منعه، وأنهم أجمعوا على منع التقديم، والإجماع حجة.

وقال ابن طلحة: يقول السهيلي: يجوز أن يفرق بين وقوع هذا المجرور مبتدأ وبين وقوعه بعد الفعل، فإنه إذا وقع أولًا لم يكن للباء هناك معنى خبر، فلم يكن لها متعلق، ولا يقاس على قولهم: بحسبك درهم، وإذا وقع بعد الفعل أمكن أن يكون للباء هناك معنى خبر، فأمكن أن يكون لها متعلق، كما كان لها في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015