على تأويل: أولم يهد لهم كثرة إهلاكنا" انتهى.
وهذا الذي ذهب إليه المصنف - وهو أن يُسبك من الجملة المصدرة بـ"كم" اسم يكون في موضع الفاعل - هو مذهب بعض الكوفيين. وأما أصحابنا فإنهم خرجوا قوله تعالى {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا} على أن فاعل يهدي مضمر، يعود على المصدر المفهوم من الفعل، وساغ ذلك لأن الهداية قد تستعمل استعمال الدلالة التي يراد بها الحجة والبرهان، وكأنه قال: أو لم يتبين لهم حجتنا، ويكون {كَمْ أَهْلَكْنَا} في موضع نصب بما دل عليه قوله {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} لأنه بمنزلة: أو لم يعلموا، فحمله على ذلك. ولا يكون الفاعل عند البصريين إلا صريح الاسام أو المقدر به من أن أو أن أو ما المصدريات فقط، كما قد بيناه في باب الفاعل.
قال المصنف في الشرح: " ومن الإسناد إلى مدلول عليه قوله تعالى {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}، ففاعل {أَخْرَجَ} ضمير الواقع في البحر الموصوف، ولم يجر له ذكر، ولكن سياق الكلام يدل عليه" انتهى.
وهذا ليس كما ذكر، بل هو يعود على محذوف مضاف إلى {ظُلُمَاتِ}، التقدير: أو كذي ظلمات، فحذف "ذي" لدلالة المعنى.
قال المصنف في الشرح: "ومثله قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)،