برفع التكذاب والجعائل، ونصبه بظن، ورغم أن المعنى: أظن ابن طرثوث أن يذهب بعاديتي، وجعل ذاهبًا بمعنى أن يذهب، كما قال "عسى الغوير أبؤسًا"، أردا: أن ييأس، فلما حذف أن تنصب أبؤسًا. وقال: لا يجوز أن تقول: أظن زيد قائمًا، وأنت تريد: أن يقوم؛ لأن (أن) تكفي من شيئين، فلا بد من شيئين إذا حذفتها، فتقول: ظننت قائمًا أنا، وأظن زيد قائم هو.
قال ابن كيسان: ويجوز أن تنصب تكذابه بظن، وترفع جعائله إن كانت القافية مرفوعة على المعنى، أي: ويذهب بها جعائله. وشبهه بقول الشاعر:
وجدنا الصالحين لهم جزاء وجناتٍ وعينًا سلسبيلًا
لما تم الكلام على قوله "لهم جزاء" أضمر فعلًا للثاني، فكأنه قال: وجدنا لهم جنات وعينًا سلسبيلًا. وقد تقدم لنا الكلام على شيء من هذه المسألة في باب إن، وأمعنا هنا فيها.
التاسعة: عبد الله ما علمت عالم، أجمعوا على جوازها. واختلفوا في: عبد الله ما رأيت عالم، أو ما ظننت، فمنع من ذلك الفراء وابن كيسان، وأجاز ذلك غيرهما. وقدر الفراء ذلك: عبد الله فيما أعلم. قيل له: وكذلك يقدر في الظن والحسبان. وقال ابن كيسان: المعنى: عبد الله مدة علمي عالم، وليس للظن هنا مشاركة للعلم؛ لأن الظن شيء يقع في النفس، يجوز أن يبطل وأن يحق، فلا تكون له مدة توجب الظن بثبات علم عبد الله.