الجرأة. قال: "ولا يمنع س هذا النوع من الحذف، وإلا فما يفعل في قوله تعالى {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}؛ ألا ترى أن المفعول الثاني محذوف، والمعنى: أرأيتك هذا الذي كرمت علىّ ما الذي أوجب له ذلك، فكما يحذف الخبر - وهو المفعول الثاني - كذلك يحذف المبتدأ، وهو المفعول الأول" انتهى كلامه.
ولا يلزم في قوله {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} أن يكون المفعول الثاني محذوفًا، بل الظاهر في الآية أنه مذكور، / وهو قوله {لَئِنْ أَخَّرْتَنِي}؛ لأن اللام مؤذنة بجملة قسم محذوف، فهذه الجملة القسمية مع متعلقها هي في موضع المفعول الثاني، ألا ترى انعقاد ما بعد أرأيتك مبتدأ وخبرًا، أي: هذا الذي كرمت عليّ أقسم لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن.
والذي عندي في هذه الآيات أنها تتخرج على الأعمال، وذلك أن فعل الشرط تنازع الاسم بعده، و"أرأيت" تنازعته، فأعمل فعل الشرط إذ هو الثاني، وأضمر في الأول منصوبًا، وحذف لأن الأفصح حذفه لا التصريح به مضمرًا، والتقدير في الآية الأولى: قل أرأيتكموه - أي: العذاب - أغير الله تدعون لكشفه. وفي الثانية: من إله غير الله يردهما عليكم. وفي الثالثة: هل يهلك به إلا القوم الظالمون. وفي الرابعة: الرابط مصرح به. وفي الخامسة: من إله غير الله يأتيكم بضياء بدله. وفي السادسة كذلك. وفي السابعة والثامنة الرابط مصرح به، ويضمر في أرأيت معمول فعل الشرط الذي يمكن تسلط أرأيت عليه. وهذا الذي تأولناه تأويل سهل، يقرر ما ذهب إليه س، وتقدم من قول س إن الجملة الاستفهامية بعد أرأيتك زيدًا في موضع المفعول الثاني لـ "أرأيتك زيدًا".