والسبب عند س وحذاق النحويين في قبح إلغائه إذا عمل في صريح المصدر أن العرب قد تقيم المصدر إذا توسط مقام الظن، وتلغيه مع ذلك، وتجعله بدلا منه.

فتقول: زيد ظنا بـ"ظننت"مضمرا، وجاز إضمار الفعل لدلالة الكلام عليه من جهة أنك إذا قلت زيد ظنا منطلق علم من ذلك أنك لم تقل هذا الكلام إلا بعد أن ظننته كذلك، فلما كانوا يجعلون المصدر إذا توسط ورفعوا الاسمين عوضا من ظننت كرهوا أن يجمعوا بينهما؛ لأن الجمع بين العوض والمعوض منه قبيح؛ ولذلك لم يظهرا الناصب لـ"سقيا لك"فلم يقولوا سقى الله سقيا لك لما جعلوا المصدر عوضا من ذلك الفعل الناصب له.

وزعم ابن خروف أنه إنما قبح ذلك من جهة أنك تكون قد ألغيت الظن وأعملته، والإلغاء والإعمال متدافعان.

وهذا الذي ذهب إليه باطل بدليل أنك تقول: زيد ظننت اليوم قائم، فتعمل ظننت في الطرف، وتلغيه عن المفعولين، ولا يستقبح ذلك، فلو كانت العلة ما ذكر لم يستقبح هذا.

وقوله وبمضاف إلى الياء ضعيف مثاله: زيد ظننت ظني قائم.

وقوله وبضمير أو اسم إشارة أقل ضعفا مثال الضمير: زيد ظننته منطلق.

ولما قبح الجمع بين الفعل وصريح مصدره قبح أيضا بين الفعل وضمير المصدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015