صورة لا يجوز فيها إلا الإلغاء، ولا يجوز الإعمال، وهي مقابلة المسألة المتأخرة قبل هذه المسألة، وتلك الصورة هي ما حكاه الأخفش: إن زيدًا لظننت أخوه منطلق، ألغى ظننت لما توسطت بين لام إن والجملة التي في موضع الخبر. ولا يجوز إعمالها هنا لأن لام إن إذ ذاك داخلة على ظننت، وهو ماضٍ متصرف، ولام إن لا يجوز دخولها على الماضي المتصرف إذا وقع خبرًا، فإذا لام الابتداء داخلة على الجملة الواقعة خبرًا لـ «إن»، وأعترض بظننت بينهما.
وقوله وبجوازه بلا قبح ولا ضعف في نحو: زيد قائم ظننت، وزيد- ظننت- قائم يعني أنه يجوز الإلغاء والإعمال إذا تأخرت عن المفعولين، أو توسطت بينهما. قال ابن عصفور: والسبب في جواز إلغائها متأخرة ومتوسطة أنك إذا ابتدأت بغيرها تكون قد بنيت كلامك على الإخبار من غير أن تقصد جعل ذلك الخبر مما تعلمه أو تظنه، ثم تريد بعد أن يتبين أن ذلك في علمك أو في ظنك، فتأتي بالفعل معترضًا بين أجزاء الكلام، أو ملحقًا له آخر الكلام لتبين ما قصدت من ذلك.
وأجاز الأستاذ أبو علي أن يكون السبب في إلغائها متوسطة أو متأخرة كونها ضعيفة العمل لما تقدم ذكره من أن عملها إنما هو بحق الشبه بأعطيت وأخواتها، والعامل إذا تقدم معموله/ عليه يضعف عمله، ولذلك يجوز أن تقول: لزيد ضربت، فتوصل ضربت إلى زيد باللام لما ضعفت بتأخيرها عنه، ولو كانت متقدمة عليه لم يحسن ذلك. قال: فلما كانت ظننت وأخواتها ضعيفة في العمل، وازدادت ضعفًا بتأخرها عن المعمول- جاز لذلك ألا يراعى شبهها بأعطيت، فتلغى عن العمل.