منصوب حمل على أنه حال، والدليل على أنه حال التزام تنكيره. وكون هذه الأفعال من أفعال هذا الباب لا حجة على ذلك.
وأدخل س وأبو علي الفارسي في أفعال هذا الباب أرى، ولم يذكرا فيه ما بني للمفعول من الأفعال التي تتعدى/ إلى ثلاثة نحو أعلمت. وسبب ذلك أن جميع ذلك استعمل مبينًا للفاعل؛ إلا أرى هذه، فإنها لم تستعمل إلا مبنية للمفعول؛ ألا ترى أن أرى بمعنى أظن، ولا يقال: أريت زيدًا عمرًا خير الناس، بمعنى: جعلته يظن ذلك، بل بمعنى: أعلمته ذلك، فلما لم تستعمل بمعنى الظن إلا مبنية للمفعول جعلاها من هذا الباب؛ لأنها لا يكون لها أبدًا إلا منصوبان، كما أن سائر أفعال هذا الباب كذلك.
وقال بعض الناس: "يصح أن تكون خلق بمعنى جعل، فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى مفعولين، ويكون قوله {ضَعِيفاً} من قوله {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} مفعولًا ثانيًا" انتهى.
ولا أعلم أحدًا من النحويين ذهب إلى ذلك، بل الذي ذكر الناس أن من أقسام جعل أن تكون بمعنى خلق، فتتعدى إلى مفعول واحد، كقوله تعالى {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}، أما العكس فلم يذهب إلى ذلك أحد من النحويين فيما علمناه. والمتأخرون من النحاة الذين تتبعوا هذه الأفعال لم يذكروا ذلك.