وزعم الفراء أن هذه الأفعال لما طلبت اسمين شبهت من الأفعال بما يطلب اسمين، أحدهما مفعول به، والآخر حال، نحو: أتيت زيدًا ضاحكًا. واستدل على ذلك بوقوع الجمل والظروف والمجرورات موقع المنصوب الثاني في باب ظننت كما تقع موقع الحال، ولا يقع شيء من ذلك موقع المفعول به، فدل ذلك على أنه انتصابه على التشبيه بالحال لا على التشبيه بالمفعول به، ولا يقدح في ذلك كون الحال يتم الكلام دونها، والمنصوب الثاني في هذا الباب لا يتم الكلام دونه، لأنه ليس بحال حقيقي، بل مشبه بها، كما لا يقدح فيما ذهبنا إليه من أن انتصابه على التشبيه بالمفعول الثاني في باب أعطيت كونه لا يجوز الاقتصار عليه، والثاني في باب أعطيت يجوز الاقتصار عليه من جهة أنه ليس بمفعول حقيقي، بل مشبه به، والمشبه/ بالشيء لا يجري مجرى الشيء في جميع أحكامه.
وما ذهب إليه البصريون هو الصحيح بدليل أن المفعول الثاني في هذا الباب يكون معرفة، ومضمرًا، واسمًا جامدًا، كالمفعول به، ولا يكون شيء من ذلك حالًا، ولا يقدح في ذلك وقوع الجمل والظروف والمجرورات موقعه لأن الظروف قد تنتصب على التشبيه بالمفعول به؛ وكذلك المجرور يكون في موضع المفعول، نحو: مررت بزيد، بدليل أنك إذا اضطررت إلى حذف حرف الجر نصبت الاسم، فقلت: مررت زيدًا. وكذلك أيضًا قد تقع الجمل موقع المفعول به في نحو: قال زيدٌ عمروٌ منطلقٌ.