وإذا عملت عمل (ليس) فمذهب أكثر النحويين أن خبرها لا يكون إلا منصوبًا كخبر (ليس). وذهب الزجاج إلى أنها تعمل في الاسم الرفع، ولا تعمل في الخبر شيئًا، كما لا تعمل الناصبة فيه شيئًا، بل النكرة مع (لا) العاملة فيها الرفع في موضع رفع على الابتداء، والاسم المرفوع بعدها خبر للمبتدأ، وزعم أن ذلك مذهب س، وقد نص على ذلك في شرحه مستغلق كتاب س.
قال ابن عصفور: "والصحيح عندي أنها لا تعمل في الخبر شيئًا؛ لأن (لا) تنزلت من النكرة التي رفعتها منزلة (من) منها في الاستفهام، كما تنزلت (لا) الناصبة منها منزلتها، ولذلك لم يجز الفصل بين (لا) وما عملت فيه رافعةً كانت أو ناصبة، كما لا يجوز الفصل بين (ما) وما عملت فيه، فكما أن (قائمًا) من قولك (هل من رجلٍ قائمٌ) خبر للاسم المجرور بـ (من) لأن موضعه مع (من) رفع بالابتداء، فكذلك يكون (قائم) من قولك (لا رجل قائمٌ) خبرًا للاسم الذي عملت فيه؛ لأنه مع (لا) في موضع رفع على الابتداء" انتهى كلامه.
وهذا الذي استدل به أبو الحسن بن عصفور ليس بصحيح؛ لأن (لا) لم تتنزل من النكرة التي رفعتها منزلة (من)، كالناصبة؛ إذ لو كانت كذلك لم يُجيزوا (لا رجلٌ في الدار بل رجلان)، ولسووا بين هذا وبين (لا رجل في الدار) بجامع ما اشتركا فيه من أن (لا) إذا عملت عمل (إن) أو عمل (ليس) كانت جوابًا لقولك: هل من رجلٍ في الدار؟ فكانت تكون في حاليها وُضعت للنص على العموم لأنها جواب نص على العموم، فكون النحويين فرقوا بينهما، فجعلوا العاملة علم (إن) نصًا في العموم، والعاملة عمل (ليس) محتملة للعموم، دليل على اختلاف الأحكام.
ومما يشهد بصحة مذهب الجمهور وبطلان مذهب الزجاج واختيار/