أما السماع فلم يُسمع من العرب (ألا رجل أفضل من زيدٍ) برفع (أفضل)، فلو كان لها خبر لسُمع ولو في بعض المواضع، ولو كان للاسم بعدها موضع لرُفعت صفته في بعض المواضع.

وأما القياس فإن الهمزة لا تخلو من أن تُقدرها داخلة على (لا) وحدها أو على الجملة، فإن قدرتها داخلة على الجملة لم يجز ذلك لأنا لم نجد جُملة يدخلها بجملتها معنى التمني، وقد وجدنا من الحروف ما له معنًى، فإذا رُكب كان له معنًى خلاف الذي كان له قبل التركيب، نحو (هلا) و (لولا). وإن قدرتها داخلة على (لا) وحدها، وحدث فيها معنى التمني، لم تحتج إلى خبر لأن المراد التمني نفسه. وإن كانت نافية/ لم يكن بُدٌ من خبر؛ لأن المنفي في المعنى إنما هو الخبر، ولا يُتصور نفي (الرجل). فثبت إذًا ما ذهب إليه س" انتهى رده على المازني.

والفرق بين المذهبين من حيث المعنى أن في مذهب س يكون التمني واقعًا على الاسم، وفي مذهب المازني على الخبر، والمازني جعل (ألا) في التمني بمنزلة (ليت)، فتعمل عملها، فلها خبر مرفوع، وبمنزلة (إن) لفظًا، فيُتبع اسمها على اللفظ وعلى الموضع.

ومثال ورودها في التمني قول الشاعر:

ألا عمر ولي مستطاعٌ رجوعه فيرأب ما أثاث يد الغفلات

فنصب (يرأب) لأنه جواب تمن مقرون بالفاء

فإن قلت: قد زعمت أن الاسم مع (ألا) التي للتمني لا يجوز أن يُحمل النعت فيه إلا على اللفظ، وظاهر هذا البيت أنه حُمل على الموضع؛ ألا ترى إلى قوله (مُستطاعٌ رُجوعه) كيف رفع مستطاعًا، ولو كان حملًا على اللفظ لنصب، فقال: مُستطاعًا رجوعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015