من ظهوره البناء، صارت عاملة في المحل بمنزلة: إن هذا قائمٌ، فصار لها محل، ولأن هذا الاسم صارت حركة بنائه بمنزلة حركة الإعراب، فصار له لفظ، كما في باب النداء في: يا زيد العاقل. فحصل من هذا أن الرفع له وجهان، والنصب وجهان.

وقوله وقد تُجعل مع الموصوف كـ (خمسة عشر) إن أفردا واتصلا مثاله: لا رجل ظريف، جعل المنفي ونعته بمنزلة اسم واحد، كما جعل المنادى ونعته في قولك (يا زيد بن عمرو) بمنزلة اسم واحد؛ لأن باب النفي بـ (لا) شبيه بباب النداء من جهة أن علامة البناء في البابين شبه الإعراب لاطرادها.

وسهل ذلك في هذا الباب كون بناء الاسم مع الاسم أكثر في كلام العرب من بناء الاسم مع الحرف؛ لأن تركيب الاسم مع الاسم قد جاء في هذا الباب وفي غيره كثيرًا، وتركيب الحرف مع الاسم إنما جاء في هذا الباب، ولم يجيء في غيره إلا قليلًا، ومنه:

أثور ما أصيدكم أم ثورين

فجعل (ما) مع (ثور) بمنزلة اسم واحد، ولذلك حذف التنوين، وتركيب الصفة مع الموصوف دون (لا)؛ لأنه لا يكون ثلاثة أشياء كشيء واحد، ولا يكون هذا التركيب بدون (لا) مع الوصف.

وعلة البناء كون الوصف من تمام اسم (لا)، واسم (لا) وجب له البناء لتضمنه معنى الاستغراق، وهذا من تمامه، فصارا كأنهما تضمنا معنى (من)؛ ألا ترى/ أن غير المبني إذا كان مفتقرًا إلى مبني ليُتمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015