وأما (إن) و (لكن) فإن أتبعت بعد الخبر جاز عندهم النصب على اللفظ، والرفع على المعنى. أو قبل الخبر فعلى مذهب الكسائي يجوز النصب على اللفظ، والرفع على الموضع، قياسًا على ما سمع من قولهم (إنهم أجمعون ذاهبون) بالرفع على موضع إن قبل دخولها. وعلى مذهب الفراء إن كان الاسم مبنيًا جاز النصب على اللفظ، والرفع على الموضع، نحو: إن هذا نفسه ذاهب، وإن كانا معربًا فالنصب على اللفظ ليس إلا، فقاس على قولهم (إنهم أجمعون) ما هو بمثله في البناء) انتهى.

وفد تأول "إنهم أجمعون ذاهبون" على حذف المبتدأ، والتقدير: إنهم هم أجمعون ذاهبون، فأجمعون توكيد لقوله (هم) المحذوفة. وينبني جواز هذا التأويل على جواز حذف المؤكد، وفيه خلاف سيذكر في بابه إن شاء الله.

وقوله وأجاز الكسائي إلى آخر الباب. مثاله: ظننت زيدًا صديقي وعمرو، هكذا مثل المصنف هذه المسألة. والذي حكاه الفراء عن الكسائي أنه أجاز: أظن عبد الله وزيد قاما/ وأظن عبد الله وزيد يقومان، وأظن عبد الله وزيد مالهما كثير، فيرفع زيدًا في كل ما كان خبره وخبر المنصوب مستويين، وكان لا يجيز: أظن عبد الله وزيد قائمين، ولا: قائمًا؛ لأن الرفع والنصب يستبين في (قائمتين). واحتج الكسائي بأن الخبر في (ظننت) كالمبتدأ إذا كان على هذه الجهات.

قال الفراء: وقد ذهب مذهب عالم إلا أني لا أجد بدا إذا قلا "أظن عبد الله وزيد" بموضع رفع أو نصب، ولا أقدر على أن أعطل (يقومان) بغير إعراب ظاهر فيهما ولا مضمر، فإن كان في موضع نصب دخل عليه أن يقول: أظن عبد الله وزيد قائمين، ولا يجوز أن ترفع زيدًا وتنصب خبره، وإن قضيت عليه أنه في موضع رفع قلت: أظن عبد الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015