ونظيره في كلامه قوله تعالى (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ)، يسمى س هذا عطفًا على التوهم، كأنه قال: أصدق وأكن، ولا يريد س التوهم حقيقة إذ يستحيل على الله تعالى، وإنما يريد أنه لم يتبع الثاني الأول في الإعراب/ وكأنه غلط في أن ذكر الناصب ومقصوده الرافع ومراعاته. ولم يفهم أحد من الشراح ولا الشيوخ المأخوذ عنهم هذا العلم عن س ما فهمه هذا المصنف، كما لم يفهموا عنه حقيقة التوهم، وإنما المعنى في الغلط والتوهم ما ذكرناه من أنهم لا يلحظون اشتراك الثاني مع الأول، وكأن ذلك الأول ما دخل عليه المعرب الذي كان ينبغي للثاني أن يشاركه فيه، وإنما يحمل هذه الأشياء على ظاهرها من لم يأخذ العلم عن المشايخ، ولم يعرف مقاصدهم، فينظر في العلم وحده، فيفهم خلاف ما فهموه.
وحكي لنا أستاذنا العلامة أبو جعفر بن الزبير- رحمه الله- أنه كان بمدينة مالقة شخص قد نصب نفسه لإقراء النحو، يعرف بابن الفخار، وقد رأيته أنا بمقالة، وحضرت مجلسه، فحين علم بي أني من تلاميذ ابن الزبير أنس، وتحدث، وقطع مجلسه بالحديث معي، ولم يقرئ في ذلك المجلس أحدًا. قال الأستاذ أبو جعفر: فسمع عني أني أذكر العطف على التوهم في القرآن، فأنكر ذلك، وشنع، وقال: كيف يكون التوهم في القرآن، والله- تعالى- منزه عن التوهم؟ وذلك لجهله بمصطلح أهل الفن ونظره وحده دون شيخ، وقد قلت في ذلك:
يظن الغمر أن الكتب تجدي أخًا فهم لإدراك العلوم