تُعَلِّق, وإن كان للابتداء عَلَّقَت, ولهذا اختلف ابن الأخضر وبن أبي العافية في الحديث المشهور"قد عَلِمْنا إنْ كُنتَ لَمُؤْمِناً",كما اختلف فيه الأخفش الصغير والفارسي. فقال الأخفش: لا يَجوز إلا الكسر. وقال الفارسي: لا يَجوز إلا الفتح, كما قال ابن أبي العافية. وقال ابن الأخضر: قد ثبتت اللام في الرواية بلا شك, وهي لا تكون مع (أنَّ) المفتوحة أصلاً كما لا تكون مع (إنْ) إذا عملت لأنه لا احتياج للفرق. وقال ابن أبي العافية: كسر (إنْ) هو الأصل, فلما فُتحت بسبب (علمت) أبقيت اللام إشعاراً بأصلها.
ورُدَّ عليه بأنَّ هذا بعيد لأنَّ (علمت) لا تدخل إلا علي ما كان قبلها في موضع الابتداء, فإذا دخلت غَيَّرَت ذلك, ولم يُشعروا علي الأصل بشيء, ونظير ما قال دخول اللام في: ظننت إنَّ زيداً لَقائٌم, ولا قائل به.
قال بعض أصحابنا: وهذا لا يلزمه لأنَّ (ظَننتُ) لا تدخل علي اللام إلا مُعلّقة, ولا يقال أذهبت اللام بعد ما دخلت.
وقد نوقض بأنَّ كل مفتوحة من مشددة أو مخففة أصلها الكسر, وإنما يفتحها العامل, وكان ينبغي أن تكون اللام مع كلِّ مفتوحة, ولم توجد مع المفتوحة. وهذا لا أراه يلزمه, يعتقد خلاص هذا المذهب, ولا حجة تقطع به.
واحتج بن أبي العافية أيضاً: بأنَّها إذا خُففت فهي حرف ابتداء بلا خلاف, بمنزلة إنَّما وكأنَّما ولعلَّما وسائر حروف الابتداء الداخلة علي الجملتين؛ ولا شيء هنا تدخل عليه لام الابتداء, فكذلك (إنْ) هاهنا.
وهذا لا يلزم عندي لأنَّ اللام من حروف الصدور, وتكون جواب القسم, فلا يتقدمها شيء كحرف النفي والجزاء والاستفهام والشرط في الصدر.