زيداً لَقامَ. وسيأتي في ذكر دليل القول الآخر إنكار: إنْ زيدٌ لَقامَ, وأنه غير مسموع من العرب.

وحكي ابن جني أنَّ أبا علي قال: ظننت فالناً انه نحوي مُحسِن حتى سمعتُه يقول: اللام التي تصحب (إنِ) الخفيفة هي لام الابتداء. قال: فقلت له: أكثرُ نَحْوِيِّي بغداد علي هذا.

وقد استُدل للمذهب الأول بأنَّها لا تدخل في فصيح الكلام إلا علي ما هو خبر مبتدأ في الأصل؛ ألا ترى دخولها علي خبر (كان) وثاني معمولي (ظَنَّ) , ولا يوجد من كلامهم: إنْ نظن زيداً رجلاً لَعاقلاً؛ لأنَّ عاقلاً ليس بخبر مبتدأ في الأصل, ولذلك منع النحويون"إنْ ظننتُ زيداً لَفي الدار قائماً" إن جعلت"في الدار" من صلة (قائم) , فإن جعلته في موضع المفعول الثاني, وجعلت قائماً حالاً, جاز.

وكذلك أيضاً منع الأخفش: إن زيدٌ ذهبَ, أدخلتَ اللام علي (ذَهَبَ) أو لم تدخلها؛ لأنك إن لم تدخلها التبس بـ (إنِ) النافية, وإن أدخلتها لزم أن تدخل لام (إنَّ) علي الخبر, وهو فعل ماضٍ متصرف, وذلك لا يَجوز, ولو كانت فارقة ولم تكن لام (إنَّ) لم يَمتنع دخولها على (ذهب) , فعدم وجود مثل"إنْ زيدٌ لَذَهَبَ" في كلامهم دليل علي ما ذكرناه من أنَّها لام (إنَّ) ألزمت الكلام للفرق, ولزم تثقيل (إنَّ) في: إنَّ زيداً ذَهب, وإعمالها.

وعوملت معمولات النواسخ التي هي أخبار للمبتدأ في الأصل معاملة أخبار (إنَّ) , كما عوملت النواسخ في دخول (إنَّ) عليها معاملة المبتدأ والخبر. وإذا ثَبَتَ بِما ذكرناه أنَّها لام (إنَّ) لزم تعليقها الفعل عن (إنَّ) فإذا عَلَّقَتْه بقيت على كسرها بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015