وربما فصلوا بينهما بأكثر من ذلك, ومنه {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا}. فلما تعذر جعلها أول الكلام لهذه العلة أخروها.
والدليل على أنها لام الابتداء في الأصل أنها تعلق العامل عن عمله كما تعلقه لام الابتداء في نحو: علمت إن زيداً لقائم, وكان حقها أن تدخل أول الكلام فأخرت لما تعذر ذلك فيها لما ذكرناه. والدليل على ذلك أنك تقول: إن زيداً طعامك لآكل وإن في الدار زيداً لقائم فتقدم معمول الاسم الذي دخلت عليه اللام على اللام لأن اللام متقدمة في النية على ذلك المعمول, إذ لو كانت اللام واقعة في محلها لم يتقدم معمول ما بعدها عليها, ألا ترى أنك تقول: لمعطيك درهماً زيد, ولا يجوز: درهماً لمعطيك زيد, لأن اللام من حروف الصدر وقد وقعت موقعها فلو كانت لام (إن) واقعة موقعها لم يجز أن يتقدم عليها معمول ما بعدها عليها, كما لم يجز ذلك في اللام الداخلة على المبتدأ.
وقال الأخفش: وإنما بدأوا بـ (إن) لقوتها وقوتها أنها عاملة, واللام غير عاملة, فجعلوا الأقوى متقدماً في الفظ وأخروا اللام على معناها مبتدئة.
وقال ابن كيسان: التوكيد إنما هو لما بعد (إن) فجعلت اللام بعد ولم تجعل في الاسم- يعني المجاور لـ (إن) - لأنها إذا دخلت على أول الكلام قطعته عما قبله, فكان يبطل عمل (إن) فتكون (إن) غير عاملة في شيء.
وذهب الفراء إلى أن اللام للفرق بين الكلام الذي يكون جواباً وبين الكلام الذي يستأنف على غير جواب, فتقول: إن زيداً منطلق بغير