ولو قلت "إن قائمًا ويقعد أخواك" لم يجز عند الكوفيين لأن (قائمًا) لا يقع موقع (يقوم). وقال ابن كيسان: "وهذا عندي جائز لأن (إن) إنما لا تقع على الفعل لشبهها به وأن الفعل لا يعمل في الفعل، فإذا فرق بينهما جاز أن يرد الثاني إلى الفعل. وأيضًا فقد يقع في المعطوف ما لا يكون في المعطوف عليه، وليس يلزم أيضًا هذا -يعني جعله ملاصقًا لقوله (إن قائمًا) - إذا قدرت أن ذلك من وصف واحد؛ ألا ترى أنك لو قلت (إن ذاهبًا وجائيًا أخوك) لم يجز لك أن تقول: إن ذاهبًا أخوك وجائيًا؛ لأنك إنما تريد: إن رجلًا ذاهبًا وجائيًا -أي جامعًا هذين- أخوك، فالثاني من تمام الأول، فإن أردت أن يكونا من صفة اثنين جاز التأخير، كما تقول: إن زيدًا أخوك وعمرًا، تريد: وإن عمرًا أخوك، ولا يجوز (إن قائمًا أخوك ويقعد) لأن (يقعد) لا ينفصل من (قائم) لأنه لا يقوم مقام ما وصفه" انتهى كلام ابن كيسان.
والذي تقتضيه قواعد البصريين أنه لا يجوز: إن قائمًا ويقعد أخواك، كما ذهب إليه الكوفيون.
ولو قلت: إن قائمين أخواك فيها، وإن فيها قائمين أخواك قيامًا حسنًا، لم يجز عند الكوفيين لأن (قائمين) عندهم اسم لا ينصرف إلى فعل ويفعل، فلا يفرق بينه وبين صلته. وكذلك لا يجيزون: إن آكلًا زيد طعامك. قال الفراء: لا يخلو (آكل) من أن يكون اسمًا أو خلفًا، ولا يفرق بينه وبين صلته. قال أبو جعفر الصفار: وذا كله جائز عند البصريين، إلا أن تجعل (آكلًا) نعتًا أو يكون بمنزلة (رجل)، فلا يعمل شيئًا بحال من الأحوال.