وقال المصنف في البيت الأول: "يُخرج على أن هشامًا وإن مات فهو باقٍ ببقاء من يخلُفه سائرًا بسيرته". قال: "وأجود من هذا أن تجعل الكاف من (كأن) للتعليل في هذا الموضع، وهي المرادفة للام، كأنه قال لأن الأرض ليس بها هشام".
وذهب الزجاجي والكوفيون إلى أن (كأن) إذا كان خبرها اسمًا جامدًا كانت للتشبيه، وإذا كانت مشتقًا كانت للشك بمنزلة ظننت وتوهمت. وإلى هذا ذهب ابن الطراوة وابن السيد، قال ابن السيد: "إذا كان خبرها فعلًا أو جملة أو ظرفًا أو صفة فهي للظن والحسبان". قال: "والنحويون يقولون: هي للتشبيه، وليس كذلك إلا إذا كان الخبر مما يُمثل به الأول إما أحط أو أرفع، نحو: كأني بك ملكٌ، فإذا قلت: كأن زيدًا قائمٌ، لم يستقم أن يكون تشبيهًا لأن الشيء لا يُشبه بنفسه".
وجعل أبو بكر بن الأنباري من ذلك قولهم: كأنك بالشتاء مُقبلٌ، أي: أظن الشتاء مقبلًا. ومن ذلك قول الشاعر:
فكأنني بكما إذًا قد صرتما لا في فرائضه ولا أشناقه
أي: أظن أنكما لا يبقي لكما ما تجب فيه فريضة ولا شنقٌ للغارة التي تُغار عليكما، والشنق: ما دُون الفريضة.