فهذا قاطع ببطلان مذهب أبي الحسن؛ إذ لو كان في موضع نصب لقال: عساها نار كأس، ونصب. وفي البسيط: "ولو ظهر الخبر بغير أن لافتضح الأخفش" انتهى. وقد ظهر في هذا البيت الذي أنشدناه، فافتضح.
وبقى الترجيح بين مذهب س وأبي العباس؛ إذ في كليهما خروج عما استقر في "عسى"، لكن ينبغي مراعاة المعنى إذا تعارض مع اللفظ، ففي مذهب س الخروج عما استقر لها من العمل، وهو أمر لفظي. وفي مذهب أبي العباس الخروج عما استقر لها من جعل المخبر عنه خبرًا والخبر مخبرًا عنه، وهذه إحالة للمعنى، فكان مذهب س أرجح لذلك.
وقوله وربما اقتصر عليه مثاله:
يا أبتا عللك أو عساك
وقوله:
............. تنازعني: لعلي أو عساني
فإن قلت: المنصوب لا بد له من مرفوع.
فالجواب ما قاله أبو علي، قال: "هو محذوف، ولم يمتنع حذفه- وإن كان الفاعل لا يحذف- لأنها أشبهت لعل، فجاز حذفه كما جاز حذف أخبار هذه الحروف من حيث كان الكلام في الأصل مبتدأ وخبرًا، فحذف كما حذف علك، ويكون ذلك المحذوف غائبًا، كأنه قال: عساك الهالك، وعساك هو، وما حكي من قولهم: عساك تفعل، وعساني