وأما عكسها فإنك تضمر في الأول "كان" وخبرها، فيكثر الإضمار, وتضمر في الثاني مع المبتدأ ما ينصب "خيرا", فيكثر الإضمار، والتقدير: إن كان في عمله خير فهو يجزي خيرا، ولا يصح أن تقول: "فيجزى خيرا" لأن الفاء إنما يؤتي بها بالجمل الاسمية، ولأجلها دخلت الفاء، فكان هذا أردأ الوجوه، وهو الوجه الذي لم يذكره س.

وأما نصبهما ورفعهما فزعم الأستاذ أبو علي أنهما متكافئان لأن ما في نصب الأول من الحسن يقابله قبح رفعه، وما في نصب الثاني من القبح يقابله حسن رفعه.

وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: هذا خطأ لأن أحسن الحسنين اللذين هما نصب الأول من "إن خيرا فخيرا" ورفع الثاني من "إن خير فخير" رفع الثاني؛ لأن إضمارا كإضمار، ويفضل الرفع لأنك أضمرت ما أظهرت، ففضل حسنه حسن نصب الأول، ولأن أقبح القبيحين نصب الثاني لأن فيه إضمار كلام، وفي رفع الأول إضمار جزء الكلام.

وتضمر "كان" في الشرط الصريح المحض، تقول: أنا أفعل هذا إلا معينا لي فلا مفسدا علي، أي: إلا تكن معينا لي فلا تكن مفسدا، ويجوز الرفع إذا صح المعني، ومنه في المثل "إن لا حظية فلا ألية"، قالته امرأة لزوجها لم تحظ عنده، ولم تقصر هي في الخدمة، كأنها قالت: إن لا تكن لك في النساء حظية، أي: أنت ممن لا تحظي عنده امرأة لأن طبعك لا يلائم طباعهن، فإني غير مقصرة فيما يلزمني من خدمة الزوج. ولو نصبت "حظية" لجاز، لكنها لم تعن نفسها حال الرفع لأنه أعم،/ وهو عزاءٌ لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015