"قلما" فعل, لكن لما استعملته العرب للنفي, فقالت: "قلما يقوم زيد" في معنى: ما يقوم زيد, لم يحتج إلى فاعل, كما أن "ما" لا تحتاج إلى فاعل, بل صارت بمنزلة الحروف التي تصحب الأفعال, فتقول: قلما يقوم زيد, فكذلك "كان", لما زيدت للدلالة على الزمان الماضي صارت بمنزلة "أمس", فكما أن "أمس" لا يحتاج إلى فاعل, فكذلك ما استعمل استعماله.
وقال المصنف في الشرح: "وزعم السيرافي أن "كان" الزائدة مسندة إلى مصدر منوي, ولا حاجة إلى ذلك, ولا يبالي بأن يقال: خلوها من الإسناد إلى منوي يلزم منه كون الفعل حديثًا عن غير محدث عنه, لأن "كان" المحكوم بزيادتها تشبه الحرف الزائد, فلا يبالي بخلوها من الإسناد, كما أن الضمير الواقع فصلًا لما قصد به ما يقصد بالحروف من الدلالة على معنى في غيرها استجيز أن لا يكون له موضع من الإعراب" انتهى.
ولا يسلم له أن الواقع فصلًا هو ضمير قصد به ما يقصد من الحروف, بل الأصح انه حرف, فهو مشترك بين أن يكون ضميرًا وأن يكون فصلًا.
قال المصنف: "وأيضًا فإن "كان" قد زيدت بين "على" ومجرورها, فإذ نوى معها فاعل لزم الفصل بين الجار والمجرور بجملة, ولا نظير لذلك, وإذا لم ينو معها ضمير "كان" الفصل بكلمة واحدة, فلا يمتنع كما لم يمتنع الفصل بـ"ما" بين عن ومن الباء ورب والكاف ومجروراتها انتهى, ولا يلزم من ذلك محظور لأنها جملة كالمفرد إذ لم يصرح بأحد جزأيها, وهو المسند إليه "كان".