ذلك قول الشاعر:
فكان مُضلي من هديت برشده فلله غاو عاد بالرشد آمرا
أثبت الهداية لنفسه، ولو قال: فكان هادي من أضللت به لأثبت الإضلال". قال: "وقد غلط في هذا جلة من الشعراء، ومنه قول المتنبي:
ثياب كريم، ما يصون حسانها إذا نُشرت كان الهبات صوانها"
قال: "ذمه وهو يرى أنه مدحه إذ أثبت الصون، ونفى عنها الهبات، كأنه قال: الذي يقوم لها مقام الهبات أن تُصان، ولو قال: كان الهبات صوانها لكان/ يهب ولا يصون، كأنه قال: كان الذي يقوم لها مقام الصون أن تُوهب". قال: "وكذلك قول حبيب:
ذلل ركائبه إذا ما استأخرت أسفاره فهمومه أسفار"
قال: "فجعل الحاصل - وهو همومه - المبتدأ، وجعل غير الحاصل - وهو أسفار - الخبر، فظاهر العجز مُناقض للصدر إذ جعل همومه هي الأسفار، وهو قد قال: إن أسفاره قد استأخرت، بقوله: إذا ما استأخرت أسفاره". قال: "إنما كان ينبغي لهما أن يقولا: "كان الهبات صوانها، وفأسفار هموم".
قال ابن عصفور: "وهذا الذي ذكره ليس على إطلاقه، إنما يُتَصَوَّر