وهذا الذي ذهب إليه لكذة والمهاباذي والسيرافي وأبو بكر وهشام خطأ، بل نقل الناس أن "ظل" تكون بمعنى "صار"، وقد رد أبو حنيفة الدينوري على لكذة قوله، وقال: إنا نقول: أفترى أنت أن السامري الذي ظل على العجل عاكفًا إنما كان يعبده نهارًا، فإذا جاء الليل كفر به، وما قالوا: {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْنَا مُوسَى}، وكانت غيبته فيما يقال أربعين يومًا. وينبغي على هذا القياس في قول الله جل ثناؤه: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} أن يكون كفرهم بالنهار خاصة وأن لا يكفروا بالليل. وينبغي أيضًا في قول الشاعر:
وإخوان صدق لست أطلع بعضهم على سر بعض غير أني جماعها
يظلون شتى في البلاد، وسرهم ... إلى صخرة أعيا الرجال انصداعها
أن يكون هؤلاء القوم بالنهار شتى دون الليل، أفتراهم بالليل يجتمعون جميعًا وواحد بالغور وآخر بنجد؟ وكذلك قول الآخر يذكر سبعًا أقام معه في مغارة يردان قلتا:
ظللنا به جارين نحترس الثأى يسائرنا من نطفة ونسائره
أي: أقمنا يشرب سؤري، وأشرب سؤره، ويحترس كل واحد منا من فساد صاحبه، وهو الثأى، أفتراه كان يحترس منه بالنهار دون الليل، والخوف بالليل أشد، والعدوة فيه أمكن؟ وإنما هذا كله على معنى المكث، وقد نعلم أنهم إذا نصوا على النهار لم يقولوا إلا ظللنا، ولم ينصوه على