وقوله ويجوز دخول البواقي عليه مطلقًا، خلافًا لمن اشترط في الجواز اقتران الماضي بـ"قد" هذا مذهب الكوفيين. وحجة المنع أن "كان" وأخواتها إنما دخلت على الجمل لتدل على الزمان، فإذا كان الخبر يعطي الزمان لم يحتج إليها، وكان ذكرها /فضلًا؛ ألا ترى أنك إذا قلت: "زيد قام" كان المفهوم منه ومن "كان زيد قام" واحدًا، فإن جاء شيء من ذلك فهو عنده على إضمار "قد" لأنه يقرب الماضي من الحال.

والصحيح جواز ذلك دون اشتراط قد، وذلك أنك إذا قلت "أصبح زيد خرج" دل على أن الخروج الماضي كان في وقت الصباح، وكذلك أمسى وأضحى وظل وبات، فأما في "كان" فإنها تفيد التوكيد، والتأكيد أولى من إضمار حروف المعاني لكثرة ذلك وقلة هذا. وأيضًا فقد كثر ذلك في كلامهم نظمًا ونثرًا كثرة توجب القياس. قال تعالى: {إن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ}، {وَإن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ}، {إن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}، {إن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي}، {إن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ}، ولا يعتذر عن هذا بأن الذي سوغ ذلك دخول أداة الشرط على "كان" لأنها مخلصة للاستقبال، وكأنه قال: إن يكن قميصه قد من قبل؛ لأنه اعتذار لا يطرد لنقضه بقوله تعالى: {ولَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ}، وبقوله {أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم}، وبقول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015