وخبر، ولا يكون فيها ضمير أمر وشأن بدليل قوله في باب حروف أجريت مجرى حروف الاستفهام: "وقد زعم/ بعضهم أن ليس كـ"ما"، وذلك قليل لا يكاد يعرف" فلا ينبغي أن يحمل عليه ما وجدت مندوحة. فلم يبق إلا الوجهان الباقيان، عدل إلى أحدهما لأن هذا موضع تعظيم وتشريف، وضمير الشأن والقصة على هذا وضعه لا يقال إلا في موضع الإبهام والتعظيم.
فإن قلت: إنما فر إلى ذلك لأن خبر "ليس" لا يكون بالماضي فرارًا من التناقض لأنها لنفس الحال، فبعدت نسبته من الماضي.
فهذا ليس بشيء، وإنما ذلك مختص بكان؛ ألا ترى لما ذكر في باب اسم الفاعل "كان ضاربًا أباك" قدره: كان يضر أبا، ولم يقدره بضرب لئلا يقع الماضي خبرًا عن كان. والدليل على جواز ذلك في "ليس" أن س قد ذكر في أبواب الاشتغال: ما زيد ضربته، وجعلها حجازيو، وهي كليس، فقد وقع الماضي في خبرها. وأيضًا قد قال في باب حروف أجريت مجرى حروف الاستفهام: "كأنك قلت: ليس زيد ضربته"، فهذا نص على أن ليس قد يقع في خبرها الماضي.
وتحقيق القول فيها أنه إذا وقع النفي بها مطلقًا لم تنف إلا الحال وحده، وذلك إذا دخلت على جملة غير مقيدة بزمان، نحو: زيد قائم، وإذا وقع النفي بها مقيدًا نفت جميع أنواع الفعل، نحو: زيد قام، وزيد يقوم" انتهى.