ومضارع وأمر واسم فاعل ومصدر، إلا أن الأمر لا يتأتى صوغه من المستعمل منفيًا. فأما "ليس" فمجمع على أنها لا تتصرف. وأما "دام" ففي بعض كتب المتأخرين أنها إذا كانت ناقصة لا تتصرف، وهذا هو مذهب الفراء، زعم الفراء أن ما دام لا يبنى منها المضارع، فلا يقال: لا أفعل هذا ما يدوم زيد قائمًا، وذكر أن السبب في ذلك أنه إذا قلت "أفعل هذا ما دام زيد قائمًا" كان مشبهًا للشرط الذي تقدم/ جوابه؛ ألا ترى أن معنى ذلك معنى قولك: أفعل هذا إن دام زيد قائمًا، والشرط الذي تقدم جوابه عليه لا يكون فعله إلا ماضيًا؛ ألا ترى أن العرب تقول: "أنت ظالم إن فعلت"، ولا تقول: أنت ظالم إن تفعل.
وهذا الذي ذكره الفراء أنه لا يجوز أن تقول: "أفعل هذا ما يدوم زيد قائمًا" لم يذكره البصريون، قال بعض أصحابنا: "فإن صح أن العرب لا تقول ذلك فوجهه ما ذكره الفراء" انتهى. وهذا التعليل الذي ذكره الفراء لا يصح لأن ما المصدرية الظرفية توصل بالمضارع كما قال:
أطوف ما أطوف، ثم آوي إلى بيت قعيدته لكاع
فلو كانت هذه "ما" لحظ فيها هذه العلة لما جاز أن توصل بالمضارع، ولا فرق في الوصل بين أن يكون الفعل تامًا أو ناقصًا. قال ابن الدهان: ولا يستعمل في موضع دام "يدوم" لأنه جرى كالمثل عندهم.
ص: ولا تدخل "صار" وما بعدها على ما خبره فعل ماض، وقد تدخل عليه "ليس" إن كان ضمير الشأن، ويجوز دخول البواقي عليه مطلقًا،