ترى أن الموصول لا تتقدم صلته عليه، فكما أنه يجوز أن يحذف هذا الضمير من الصلة، فكذلك يحذف من الخبر.
وكذلك كل وكلا، يدخل الكلام إذا ابتدأت بهما معنى "ما"، و"ما" من أدوات الصدور، فإذا قلت: "كل القوم ضربته" فالمعنى: ما من القوم إلا من ضربته، وكلا الرجلين ضربته، معناه: ما من الرجلين إلا من ضربته. والدليل على أن الكلام يدخله معنى "ما" قوله:
وكلهم حاشاك إلا وجدته كعين الكذوب جهدها واحتفالها
أدخل "إلا" على خبر "كل" لأن المعنى: ما منهم أحد إلا من وجدته، فأشبهت لذلك الموصول، فساغ حذف الضمير.
وقال الفراء أيضًا: لا أضمر الهاء إلا مع ستة أشياء: كل ومن وما وأي -يعني في الاستفهام- ونعم وبئس. ومثال ذلك في نعم وبئس: نعم الرجل لقيت، وبئس الرجل ضربت، وهذا على مذهب الفراء في أن نعم وبئس يرتفعان على الابتداء.
قال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: "والصحيح أن حذف الضمير/ من الجملة الواقعة خبرًا لهذه الأسماء لا يجوز إذا أدى إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه؛ كما لا يجوز ذلك في غيرها، وإن جاء منه شيء في الكلام فشاذ لا يقاس عليه، وإنما جاز حذفه من الصلة، ولم يجز من خبر المبتدأ، لأن حذفه من الصلة لا يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل وقطعِه عنه؛