المستقبل بمنزلة الماضي لصدق الموعود به، ولقصد التقريب لوقوعه، فجعل-وإن كان غير واقع-كأنه واقع مجازًا. والأحسن حمله على القليل من أن"رب"قد يكون الفعل بعدها مستقبلًا؛ لأن في هذا التخريج تكلفًا ظاهرًا؛ إذ مآله إلي أنه عبر بالمستقبل عن ماض، وذلك الماضي مجاز عن المستقبل.
وقوله: "وقد"في بعض المواضع قال س في باب عدة ما يكون عليه الكلم: "وأما قد فجواٌب لقوله لما يفعل، فتقول قد فعل". ثم قال: "وتكون قد بمنزلة ربما، قال الهذلي:
قد أترك القرن مصفرًا أنامله كأن أثوابه مجت بفرصاد
كأنه قال: ربما"هذا نصه.
قال المصنف في الشرح: "فإطلاقه- يعني س- القول بأنها منزلة ربما موجب للتسوية بينهما في التقليل والصرف إلي المضي"انتهى. ولو يبين س الجهة التي فيها قد بمنزلة ربما، وعدم التبيين لا يدل على التسوية في الأحكام، بل يستدل بكلام س على نقيض ما فهم منه المصنف، وهو أن"قد"تكون بمنزلة"ربما"في التكثير فقط، ويدل عليه إنشاد البيت؛ لأن الإنسان لا يفخر بشيء يقع منه على سبيل التقليل والندرة، وإنما يفخر بما يقع منه على سبيل الكثرة، فتكون "قد" هنا بمنزلة "ربما" في التكثير، كقول امرئ