والوجه الثاني: أن يكون فاعلًا بالصفة على حد إعرابه وبروزه إذا جرت الصفة على غير من هي له. وقد أجاز س في نحو: "مررت برجل مكرمك هو" أن يجعل "هو" تأكيدًا للضمير المستكن في "مكرمك"، وأن يكون فاعلًا بالصفة. والفرق بين التقديرين يظهر في التثنية والجمع، فعلى الفاعل تقول: مررت برجلين مكرمك هما، وعلى التأكيد: مكرمَيك هما.
وفي الإفصاح: أجاز بعض أهل عصرنا أن تقول: زيد عمرو ضاربة هو، فيكون جاريًا على "عمرو"، وهو له، وترفع الضمير به، أو تجعله توكيدًا. واحتج بعموم قول س والنحويين. ولا يجوز عندي على قول من يرى أن ذلك لرفع اللبس؛ لأنهم لم يكونوا ليرفعوا اللبس إذا وقع، ثم يفعلون ما لا يلزم، فيرفعون به اللبس، فهذا نقض لما اعتزموا عليه.
وقوله وإلا برز أي: وإن لم يجر متحمله على صاحب معناه، بل جرى على غير من هو له، برز الضمير، وسواء ألبس أو لم يلبس، هذا مذهب البصريين. مثاله إلباسه: زيد عمرو ضاربه هو، فلو حذفنا "هو" لتبادر الذهن إلى أن "ضاربه" جرى خبرًا لعمرو، وتكون الهاء لزيد، ويكون المعنى: عمرو ضارب زيد؛ إذ أصل الخبر أن يكون للمبتدأ الذي هو خبر عنه، فإذا أردت معنى أن زيدًا هو ضارب عمرو بهذه العبارة ألبس إن لم تأت بـ "هو"، فيكون بإبراز "هو" فرقًا بين المعنيين، ويتعين هذا المعنى الثاني، ويزول الإلباس. ومثال ما لا يلبس: زيد الفرس راكبه هو، فلو حذفنا "هو" لم يلبس.