بقاع عرفج كله، فعرب وعرفج جامدان إلا أنهما مؤولان بالمشتق، فعرب أول بفصحاء، وعرفج أول بخشن، فلذلك تحملا ضميرًا، وأكد ذلك الضمير المرفوع بقولهم: "أجمعون" وبقولهم "كله"، وهما مرفوعان، فعلى هذا تقول: هذا القاع عرفج كله، فيكون كله تأكيدًا للضمير المستكن في عرفج لأنه ضمن معنى خشن. وكذلك: هؤلاء عرب أجمعون؛ لأنه ضمن معنى فصحاء.
ولتأويله بمعنى المشتق إذا أسند إلى ظاهر رفعه، فأجاز س أن تقول: مررت برجل أسد أبوه، بالجر إذا أردت/ أن تجعله شديدًا مثله، فإذا قلت: مررت بدابة أسد أبوها، لم يكن عند س إلا الرفع؛ لأنك تخبر بأن أباها هو السبع. ومن ذلك قول الشاعر:
وليل يقول الناس من ظلماته سواء صحيحات العيون وعورها
كأن لنا منه بيوتًا حصينة مسوحًا أعاليها وساجًا كسورها
أول مسوحًا وساحبًا بـ "سود"، فرفع بهما الظاهر. وإذا رفع الظاهر لتأوله بمشتق فرفع المضمر أولى؛ إذ قد وجدنا ما لا يرفع الظاهر، ويرفع المضمر، كأفعل التفضيل في أكثر الكلام.