أشرف عليهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، وذلك قوله تعالى {سلام قولاً من رب رحيم} قال: فإذا نظروا إليه نسوا نعيم الجنة حتى يحتجب عنهم، فإذا احتجب عنهم بقي نوره وبركته عليه في ديارهم» .

[فصل] قوله: قد أشرف عليهم أي أطلع كما يقال فلان مشرف عليك أي مطلع عليك من مكان عال، والله تعالى لا يوصف بالمكان من جهة الحلول والتمكن، وإنما يوصف من جهه العلو والرفعة فعبر عن اطلاعه عليهم ونظره إليهم بالإشراف، ولما كان سبحانه قائلاً متكلماً وكان الكلام له صفة في ذاته، ولم يزل ولا يزال فهو يسلم عليهم سلاماً هو قوله منه، كما قال تعالى: {سلام قولاً من رب رحيم} وقوله: فإذا نظروا إليه نسوا نعيم الجنة أي لهواً عنه بلذة النظر إلى وجهه الكريم، وذلك أن ما دون الله تعالى لا يقاوم تجليه، ولولا أن الله تعالى يثبتهم ويبقيهم لحل بهم ما حل بالجبل حين تجلى به، وقوله حتى يحتجب عنهم يجوز أن يكون معناه حتى يردهم إلى نعيم الجنة الذي نسوه وإلى حظوظ أنفسهم وشهواتها التي سهوا عنها فانتفعوا بنعيم الجنة الذي وعده لهم وتنعموا بشهوات النفوس التي أعدت لهم، وليس ذلك إن شاء الله تعالى على معنى الاحتجاب عنهم الذي هو بمعنى الغيبة والاستتار، فيكونوا له ناسين وعن شهوده محجوبين، وإلى نعيم الجنة ساكنين، ولكنه يردهم إلى ما نسوه ولا تحجبهم عما شاهدوا حجبة غيبة واستتار، يدل على ذلك قوله: بقي نوره وبركته عليهم في ديارهم وكيف يحجبهم عنه وهو ينعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015