أي فقراء هم السابقون وفي مقدار المدة التي بها يسبقون ويرتفع الخلاف عن الموضع الأول بأن يرد مطلق حديث أبي هريرة إلى مقيد روايته الأخرى، وكذلك حديث جابر يرد أيضاً إلى حديث عبد الله بن عمرو، ويكون المعنى فقراء المسلمين المهاجرين إذ المدة فيها أربعين خريفاً، ويبقى حديث أبي سعيد الخدري في المدة بخمسمائة عام في فقراء المهاجرين، وكذلك حديث أبي الدرداء في فقراء المسلمين بنصف يوم خمسمائة سنة.
ووجه الجمع بينهما أن يقال إن سباق الفقراء من المهاجرين يسبقون سباق الأغنياء منهم بأربعين خريفاً وغير سباق الأغنياء بخمسمائة عام، وقد قيل: إن حديث أبي هريرة وأبي الدرداء وجابر يعم جميع فقراء قرون المسلمين، فيدخل الجنة سباق فقراء كل قرن قبل غير السباق من أغنيائهم بخمسمائة عام على حديث أبي هريرة وأبي الدرداء.
وقيل: السباق بأربعين خريفاً على ما تقدم من حديث جابر والله أعلم.
فصل: قلت: وقد احتج بأحاديث هذا الباب من فضل الفقراء على الغني وقد اختلف الناس في هذا المعنى وطال فيه الكلام بينهم حتى صنفوا فيه كتباً وأبواباً، واحتج كل فريق لمذهبه في ذلك والأمر قريب.
وقد سئل أبو علي الدقاق: أي الوصفين أفضل: الغنى أو الفقر، فقال: الغنى؟ لأنه الحق والفقر وصف الخلق، ووصف