وباطنها من ظاهرها، فيها من النعيم والثواب والكرامات ما لا أذن سمعت، ولا عين رأت، فقلنا: بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله، لمن تلك؟ فقال: لمن أفشى السلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وصلى والناس نيام، فقلنا: بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله، ومن يطيق ذلك؟ فقال: أمتي تطيق ذلك، وسأخبركم من يطيق ذلك، من لقى أخاه المسلم فسلم عليه فقد أفشى السلام، ومن أطعم أهله وعياله من الطعام حتى يشبعم فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام، ومن صلى العشاء الأخيرة في جماعة فقد صلى والناس نيام: اليهود والنصارى والمجوس» .
فصل: اعلم أن هذه الغرف مختلفة في العلو والصفة بحسب اختلاف أصحابها في الأعمال، فبعضها أعلى من بعض وأرفع، وقوله الغائر من المشرق أو المغرب يروى بالياء اسم فاعل، من غار.
وقد روى مسلم في غير الغارب بتقديم الراء، والمعنى واحد.
وروي الغابر بالياء بواحدة، ومعناه الذاهب أو الباقي، فإن غبر من الأضداد، يقال غير إذا ذهب، وغير إذا بقي، ويعني به أن الكوكب حالة طلوعه وغروبه بعيد عن الأبصار فيظهر صغيراً لبعده، وقد بينه بقوله من المشرق أو المغرب.
وقد روي العازب بالعين المهملة والزاي، أي البعيد ومعنيها كلها متقاربة المعنى.