والأم والأخ والأخت والصديق الحميم، فيقولون له: أنت تموت يا فلان ونحن قد سبقناك في هذا الشأن فمت يهودياً فهو الدين المقبول عند الله تعالى، فإن انصرم عنهم وأبي، جاءه آخرون وقالوا له: مت نصرانياً فإنه دين المسيح وقد نسخ الله به دين موسى ويذكرون له عقائد كل ملة، فعند ذلك يزيغ الله من يريد زيغه وهو معنى قوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة} أي لا تزغ قلوبنا عند الموت وقد هديتنا من قبل هذا زماناً، فإذا أراد الله بعبده هداية وتثبيتاً جاءته الرحمة، وقيل: هو جبريل عليه السلام فيطرد عنه الشياطين ويمسح الشحوب عن وجهه فيبتسم الميت لا محالة، وكثير من يرى متبسماً في هذا المقام فرحاً بالبشير الذي جاءه من الله تعالى فيقول: يا فلان أما تعرفني؟ أنا جبريل وهؤلاء أعداؤك من الشياطين مت على الملة الحنيفية والشريعة الجليلة.
فما شيء أحب إلى الإنسان وأفرح منه بذلك الملك، وهو قوله تعالى: {وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} ثم يقبض عند الطعنة على ما يأتي.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حضرت وفاة أبي أحمد، وبيدي الخرقة لأشد لحييه، فكان يغرق ثم يفيق ويقول بيده: لا بعد لا بعد.
فعل هذا مراراً فقلت له: يا أبت أي شيء ما يبدو منك؟ فقال: إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله يقول: يا أحمد فتني وأنا أقول لا.
بعد لا.
حتى أموت.