فمنها يتعاطفون، فإذا كان يوم القيامة رد هذه الرحمة على التسعة والتسعين فأكملها مائة يرحم الله بها عباده يوم القيامة حتى إن أبليس ليتطاول لها رجاء أن ينال منها شيئاً» .
وقال ابن مسعود: لن تزال الرحمة بالناس حتى إن إبليس ليهتز صدره يوم القيامة مما يرى من رحمة الله تعال وشفاعة الشافعين، وقال الأصمعي: كان رجل يحدث بأهوال يوم القيامة وأعرابي جالس يسمع، فقال: يا هذا من يلبي هذا من العباد؟ قال: الله.
فقال الأعرابي: إن الكريم إذا قدر عفا وغفر.
وروى ابن ماجة، «عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} قال: فقال الله تعالى: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله آخر فمن اتقى ألا يجعل معي إلهاً آخر فأنا أهل أن أغفر له» وخرجه أبو عيسى الترمذي بمعناه وقال حديث حسن غريب.
وروي «عن عبد الله بن أبي أوفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده الله أرحم بعبده من الوالدة الشفيقة بولدها» .
وروى مسلم «عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي وإذا بامرأة من السبي تبتغي ولداً لها إذ وجدت صبياً في السبي فأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها.
قلنا: لا والله وهي قادرة على أن تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أرحم بعباده من هذه بولدها» أخرجه البخاري أيضاً.
وقال أبو غالب كنت أختلف إلى أبي أمامة بالشام، فدخلت يوماً على فتى مريض من جيران أبي أمامة وعنده عم له وهو يقول له: يا عدو الله ألم آمرك؟ ألم أنهك؟ فقال الصبي: ياعماه لو أن الله تعالى دفعني إلى والدتي كيف كانت صانعة بي؟ قال: كانت تدخلك الجنة، قال: إن ربي الله أشفق من والدتي وأرحم بي منها.
وقبض الفتى من ساعته، فلما جهزه عمه وصلى عليه، وأراد أن يضعه في لحده فدخلت القبر مع عمه فلما سواه صاح وفزع فقلت له: ما شأنك؟ قال: فسح لي في قبره وملئ نوراً فدهشت منه.
وقال هلال بن سعد يؤمر بإخراج رجلين من النار فيقول الله تعالى لهما: كيف وجدتما مقيلكما؟ فيقولان: شر مقيل.
فيقول الله تعالى: ذلك بما قدمت أيديكما، وما أنا بظلام للعبيد، ثم يأمر بصرفهما إلى النار، فيعدو أحدهما في سلاسله حتى يقتحمها.
ويتلكأ الآخر فيؤمر بردهما ويسألهما عن حالهما، فيقول الذي عدا: قد خبرت من وبال المعصية ما لم أكن لأتعرض لمخالفتك ثانية، ويقول الذي تلكأ: حسن ظني بك أن لا تردني إليها بعدما أخرجتني منها.
فيؤمر بهما إلى الجنة.
قال المؤلف رحمه الله: وهذا الخبر رفعه الترمذي أبو عيسى بمعناه «عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رجلين ممن دخلا النار اشتد صياحهما فقال الرب تبارك وتعالى: أخرجوهما، فلما أخرجا قال لهما لأي شيء اشتد صياحكما؟ قالا: فعلنا ذلك لترحمنا، قال: إن رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتمامن النار فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها له برداً وسلاماً ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ما منعك أن تلقى نفسك كما ألقى صاحبك؟ فيقول: رب إني لأرجو أن تعيدني بعدما أخرجتني، فيقول الله تعالى: لك رجاؤك فيدخلان الجنة برحمته»
قال: أبو عيسى إسناد هذا الحديث ضعيف لأنه عن رشدين بن سعد، ورشدين بن ضعيف عن ابن أنعم الإفريقي، والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث.
«و