فصل: علماؤنا رحمهم الله «في قوله تعالى {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} أن ذلك على الحقيقة كما بينه صلى الله عليه وسلم أي يأت به حاملاً له على ظهره ورقبته معذباً بحمله وثقله ومرعوباً بصوته وموبخاً بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد» ، وكذا مانع الزكاة كما في صحيح الحديث.
قال أبو حامد: فمانع زكاة الإبل يحمل بعيراً على كاهله له رغاء وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة البقر يحمل ثوراً على كاهله له خوار وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة الغنم يحمل شاة لها ثغاء وثقل يعدل الجبل العظيم والرغاء والخوار والثغاء كالرعد القاصف، ومانع زكاة الزرع يحمل على كاهله أعدالاً قد ملئت من الجنس الذي كان يبخل به براً كان أو شعيراً أثقل ما يكون ينادي تحته بالويل والثبور، ومانع زكاة المال يحمل شجاعاً أقرع له زبيبتان وذنبه قد انساب في منخريه واستدارت بجيده وثقل على كاهله كأنه طوق بكل وحي في الأرض وكل واحد ينادي مثل هذا فتقول الملائكة هذا ما بخلتم به في الدنيا رغبة فيه وشحاً عليه وهو قوله تعالى {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} .
قلت: وهذه الفضيحة التي أوقعها الله بالغال ومانعي الزكاة نظير الفضيحة التي يوقعها بالغادر، وجعل الله هذه المعاقبات حسب ما يعهده البشر ويفهمونه ألا ترى إلى قول الشاعر: