أشتات الخلائق وأجناس العوالم دار دنيا ودار أخرى، وجعل لها أفلاكاً وآفاقاً وظلماً وأضواء، فكل في فلكه، وأفقه بليله ونهاره وسمعه وبصره وعلمه وفهمه، وحاكم من عقله أو جهله، وقائم بنحلته وحكمته وسنته وشرعته، فأدنى وأعلى من الروحانية الأقصى إلى الجمادية الأقسى، فالملائكة الروحانية في مصافها ترانا من حيث لا نرى وتعلم منا أكثر مما نعلم، وإنها لتشاهد من نقصنا وقلة عقلنا في الموضع الذي يجب العلم به وإعمال العقل فيه ما تحكم به علينا أكثر مما نحكم به على الأنعام من قلة العقل وتحقيق المعرفة، فمن نظر إلى الأنعام وجدها من حيث نحن لا من حيث فلكها وأفقها لا تسمع ولا تعقل إلا ميزاً ما قدر ما تتسخر به وتتذلل طبعاً، فتلقن المراد منها من هذا الفن خاصة لا غير وأما ما نحن بسبيله من تصرفات وتعملات فليس لها ذلك من حيث الفلكية التي أحازتها عنا والأفقية التي اقتطعتها منا، فهي في طرقاتنا ضلال وبتعملاتنا وأحوال تصرفاتنا جهال، وأما من حيث شرعتها وباطن رؤيتها فعارفة عقال.

«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الجمل القضم الذي ند وامتنع بحائط بني النجار وغلب الخلق عن أخذه والوصول إليه حتى جاء صلى الله عليه وسلم، فلما مشي إليه ورآه الجمل برك لديه وجعل يمر بمشفره على الأرض بين يديه تذللاً وتسخيراً فقال صلى الله عليه وسلم هات الخطام فلما خطمه ورأى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015